الأحد، 10 فبراير 2013

الميزوثيرابي,

كثر الحديث مؤخرا عن العلاج بالميزوثيرابي باعتباره أحدث طريقة للتخلص من الدهون الزائدة بالجسم. وبرغم ارتفاع قيمة هذا العلاج الا أن الاقبال عليه أصبح كبيرا. المدهش بالموضوع أن سلامة هذا العلاج لم تثبت بعد ولم يصرح به من قبل الجهات الطبية ذات المصداقية مثل ادارة الأغذية والأدوية الأمريكية وغيرها من الجمعيات الطبية المتخصصة.
ومما شجع الناس على الاقبال على هذا العلاج تأييد بعض الأطباء الممارسين له والدعاية الضخمة الشائعة حوله، رغم أن حماس هؤلاء الأطباء لا يخلو من مصلحة مادية تصيبهم نتيجة ما يتقاضونه من الخاضعين لهذا العلاج، المتلهفين لنتائجه، المتطلعين لأي جديد يخلصهم من دهون أجسامهم الزائدة حتى لو كان وهما وأملا في الفراغ.
لكن الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل، وهي جمعية محترمة لها مصداقية كبيرة قررت أن تدلي بدلوها في هذا الموضوع المثير بشهادة علمية لا تبتغي الا وجه العلم والطب وخدمة المريض والمتطلع للشفاء.
قدمت الجمعية لشهادتها بالتأريخ للميزوثيرابي، فقد ظهر في فرنسا أولا في عام 1952 بواسطة الدكتور ميشيل بستور. واحتوى هذا العلاج على سلسلة من الحقن المحتوية على كميات ضئيلة من موسعات الأوعية الدموية، ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية، وبعض الانزيمات والمواد الغذائية، والمضادات الحيوية والهورمونات ومادة الكالسيتونين. وتحقن هذه المواد في طبقة الدهن الموجودة أسفل الجلد. وكان الميزوثيرابي قد طور كعلاج لأمراض الأوعية الدموية والليمفاوية، ولكن بتغير المادة المستخدمة في الحقن أصبح يستخدم في علاج الألم المزمن والثعلبة (سقوط الشعر) وآلام العضلات والمفاصل والصدفية. كما أصبح من المألوف استخدام الميزوثيرابي في اصلاح بعض مناطق الجسم غير المستوية، وعلاج السيلوليت وتقليل دهون الجسم والعلاج الموضعي للسمنة، وهو هنا تمت الدعاية له كبديل غير جراحي لشفط الدهون السطحية من الجسم. ولقد تم استخدام الميزوثيرابي على نطاق واسع في أوروبا وأمريكا الجنوبية حتى اعتبرته فرنسا في عام 1987 تخصصا طبيا منفردا. وفي الولايات المتحدة ما زال الميزوثيرابي علاجا حديثا.
تقنية العلاج بالميزوثيرابي
يستخدم نظام خاص لحقن العلاج بابرة دقيقة لضخ الدواء المطلوب تحت طبقة الجلد الى طبقة الدهن الموجودة تحتها في المنطقة المراد علاجها. ويختلف عدد الحقن اعتمادا على حجم المنطقة المعالجة. وأهم مادتين تستخدمان في الحقن في هذا العلاج هما مادة الليسيثين lecithin وتسمى أيضا فوسفاتيديل كولينphoshatidylcoline ومادة isoproterenol وهي مذيبة للدهون عن طريق تنشيط مستقبلات بيتا. ومادة الليسيثين موجودة أصلا في الحوصلة المرارية في الانسان وتعمل على هضم الدهون الغذائية.
كيفية عمل الميزوثيرابي
مازالت نظرية عمل الميزوثيرابي غامضة ولم توجد دراسات تشرحها حتى الآن لمعرفة طريقة العمل الحقيقية للميزوثيرابي. ولكن البعض يدعي أن الميزوثيرابي يعمل عن طريق زيادة توارد الدم في شبكة الشعيرات الدموية في المنطقة وأيضا زيادة توارد السائل اللمفي، فيما يقول آخرون أن الخلايا الدهنية تنكمش نتيجة ذوبان الدهون بها حيث يتخلص منها الجسم عن طريق البول والأمعاء.
تكلفة العلاج
يتراوح العلاج بين 8 – 15 جلسة بين الواحدة والأخرى أسبوعين، ويتراوح سعر الجلسة الواحدة بين 500 – 1000 دولار أمريكي (يقل العلاج في بعض بلدان الشرق الأوسط الى حوالي نصف هذه القيمة).
تأثيرات الميزوثيرابي الضارة ومخاطره
تم تسجيل بعض الأعراض الجانبية للميزوثيرابي مثل الحساسية طويلة الأجل للمواد المحقونة، التهابات الجلد واصابته بالعدوى الميكروبية التي تستلزم العلاج بالمضادات الحيوية، والأرتيكاريا في مواضع الحقن. ومن المعروف أيضا أن مادة الليسيثين يمكن أن تسبب التهابات وتورم في مكان الحقن. ومعظم المواد المستخدمة في الحقن يتم الحصول عليها عن طريق الانترنت ومن أماكن بعيدة لذا لا يمكن الحكم على نقاء هذه المواد بدقة، كما لا يمكن التأكد من سلامتها وأمان استخدامها. وتقرر الجمعية الامريكية لجراحي التجميل أن واحدة من أهم المواد المستخدمة في الميزوثيرابي وهي مادة isoproterenol وهي من مضادات بيتا لم يعرف لها أمان أو سلامة اذا ما استخدمت حقنا. وتقرر الجمعية بكل وضوح أن ادارة الأغذية والأدوية الامريكية وهي المنوط بها الاعتراف بسلامة أي دواء أو علاج في الولايات المتحدة لم توافق على أي دواء من المواد المستخدمة في علاج الميزوثيرابي.
اعتبارات اخلاقية
لم يتم اختبار نظرية عمل الميزوثيرابي عن طريق التجارب العلمية القائمة على أسس محددة مثل الدراسات العشوائية المزدوجة. لذا فان أي معالج يختار أن يعالج مرضاه بالميزوثيرابي لن يكون قادرا على توضيح طريقة عمل الميزوثيرابي أو نسبة النحاج أو مدى أمان هذا العلاج.
توصية الجمعية الامريكية لجراحي التجميل
الجمعية لا توافق على استعمال طريقة الحقن بالميزوثيرابي. ذلك أن مزيدا من الأبحاث يجب أن يتم قبل الحكم على أمانه. ان الرغبة في التخلص من الدهون الموضعية في أجسام الناس تبدو مغرية اذا كانت بواسطة علاج غير مؤلم كما يقال عن الميزوثيرابي، لكن بدون دليل علمي على فائدة الميزوثيرابي فان الأطباء والمرضى مطالبين بالانتباه الى مخاطر علاجات مثل الميزوثيرابي، وأيضا الى عدم تمتعها بالموافقات الشرعية لجهات طبية مختصة مثل ادارة الاغذية والأدوية الأمريكية.
وبعد، يظل الناس يطلبون العلاج بأي طريقة وفي أي اتجاه.. والغريب والمثير والمدهش أن علاج السمنة وأمراضها موجود عند أطراف أصابع مرضاها.. وهو تنظيم الغذاء واتباع طرقه السليمة.. وممارسة الحركة والرياضة.. لكن كثير من الناس يفضلون أن يتمتعوا بأسلوب حياة متكاسل يأكلون من خلاله مالذ وطاب.. وعندما تزيد أوزانهم يطلبون دواء أو حقنا أو شفطا لدهون زائدة.. وقد يصل بهم الامر الى اجتثاث أجزاء من أمعائهم، ومع ذلك لا يفكرون في اجتزاء كميات من طعامهم أوتحريك أجسادهم المكتنزة.

ليست هناك تعليقات: